الدكتور رافت البابلي التنمية البشرية علم النفس استشارات نفسية

من نحن

إضطراب النوموفوبيا


إضطراب النوموفوبيا
أضواء خافتة تسيطر على زوايا صالة الجلوس يقطعها من الوسط شعاع التلفاز ليظهر بوضوح تسمر عيون الأسرة المجتمعة ظاهرياً في سهرة من المفترض أن تكون عائلية بطابعها وأحاديثها، لكن وجود الجوالات في ايادي كل فرد في الغرفة حول الجلسة من عائلية الى تقنية وإنفرادية أو حتى توحدية، ليس هذا فحسب بل نلمس الخوف في وجوههم من فقدان الجوال أو إنتهاء البطارية فما هي هذه الظاهرة التي تفتك بمجتمعاتنا وبنيته الأسرية وكيف يمكن القضاء عليها؟
في عام 2008 إكتشف محققين بريطانيين مصطلح NomoFobia وهو اختصار لكلمة no-mobile-phone phobia وتعني الخوف من عدم وجود هاتف جوال، حيث يصاب الأشخاص اللذين تنقطع التقنية عنهم بتشويش ذهني وإضطراب المخ، هذا المصطلح لم يطلقه العلماء عبثا بل تم قبوله علميا وأصبح ضاهرة تفتك بكافة المجتمعات مثل مجتمع الكمبيوتر الكفي.
وفي دراسة أجريت عام 2010 تحت إشراف دائرة البريد البريطانية اتضح أن53% من البريطانيين يشعرون بهلع دائم من فقْد هواتفهم أو الخروج بدونها أو فراغ بطاريتها ورصيدها (و90% من هؤلاء كانوا ممن يحملون هواتف ذكية تربطهم بالإنترنت)، والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 18 و 24 سنة كانوا اكثر الناس تعرضا لهذه الحالة بـ 77% ، في حين أن الاشخاص من عمر 25 الى 34 سنة فليس حالهم أفضل بكثير، فجائت نسبتهم 68% ممن شملتهم العينة .
كيف تكتشف أنك مصاب بالنوموفوبيا؟
يتجلى مرض النوموفوبيا في عدة أمور حيث يتعذب المريض أحيانا بمجرد الإبتعاد عن جواله، لا يمكنه نهائيا إطفائه ويخاف دائما من الإستهلاك العالي لبطارية الجهاز، تجده يشيك على جواله دائما وتكرارا خوفاً من تفويت رسالة او مكالمة فائتة أو إيميل لم يقرأه، يمسكون بهاتفهم حالما يستيقضون من النوم حتى قبل النهوض من الفراش، وحتى حين ذهابهم للتواليت (اكرمكم الله ) يأخذونه معهم، وقد تصل بهم الحالة الى الإبتعاد عن الأشخاص اللذين يشغلونهم عن هاتفهم أو التقنية التي يمتلكونها، أو حتى يصبح الهاتف وتطبيقاته مدار للحديث في العمل والمدرسة واللقاءات، وهذا في طبيعة الحال يؤدي الى محدودية التواصل الإجتماعي في الحياة الحقيقية لا الإفتراضية، والذي يتجسد في تقليل الخروج من البيت، تقليل التواصل مع أفراد المجتمع وأيضا تقليل الإرتباط بالعالم الخارجي.
ما هي أسباب النوموفوبيا؟
إن الأرتباط القوي بأي شيء سواء كان الهاتف النقال أو وما شابه ذلك , يرتبط بشكل أساسي الى الاحساس الداخلي الهادئ الذي يعيشه الشخص والتخلص من الضغوطات أثناء ممارسة هوايته مع جهازه المحمول أو النقال، إن هذا الامر هو في الحقيقة عجز و عدم قدرة على تنظيم الذات والتحكم بالنفس.
تفيد الدراسات والأبحاث بوجود أسباب عدة للإدمان على الهاتف النقال ، من أبرزها محاولة الهروب من الواقع نتيجة ضغوط نفسية أو مالية أو أسرية. كما أن الإدمان قد يحدث نتيجة حدوث نوع من الشغف أو ما يسمى الوله باستخدام الهاتف النقال أو الإنترنت، نظرا لما يشعر به المدمن من إثارة ونشوة وتشويق عند استخدامها، مما يشكل نوعاً من المودة والعشرة معها.
كيفية علاج إضطراب النوموفوبيا
إن العلاج يبدأ بالطريقة نفسها التي يُتعامل بها مع أي اضطراب سلوكي ، وأول خطوة في العلاج هي إزالة آثار الإدمان لدى المصابين بهذا الاضطراب، وتغيير المعتقدات والأفكار الخاطئة المتعلقة باستخدام الهاتف النقال والنظرة تجاه النفس والمجتمع. وكذلك يتم علاج الاضطرابات النفسية، التى قد تكون سببا فى الإدمان مثل الاكتئاب والقلق.
كما أن العلاج النفسى قد يتم من خلال جلسات العلاج الفردى أو الجماعى وبمعاونة المجموعات المعاونة، التى تتكون من مجموعة من الأشخاص سابقى الإدمان ولكنهم أقلعوا عنها الآن وفيها يتم تبادل الخبرات وتقديم الدعم للأشخاص الآخرين.