الدكتور رافت البابلي التنمية البشرية علم النفس استشارات نفسية

من نحن

الدكتور رافت البابلي . السمنة مع العلاج النفسي


الدكتور رافت البابلي 
السمنة وعلاجها: ماذا يقول علم النفس!

الكثيرون منا يعانون من كثرة الأكل، التي تؤدي في نهاية المطاف الى حالة البدانة. هل هذا هو الأكل القهري، أم الادمان على الأكل؟ وكيف يمكن للعامل النفسي أن يساعد أكثر من الحميات الغذائية العادية في السمنة وعلاجها؟

يعاني الكثير منا من الإفراط في الأكل، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى حالة البدانة. هل هذه هي حالةالأكل القهري، أو الإدمان على الأكل؟ وكيف يمكن للعلاج النفسي أن يساعد أكثر من الحميات الغذائية العادية للتعامل مع السمنة وعلاجها؟
بالنسبة للكثيرين منا، فان السمنة هي مشكلة معروفة منذ سنوات عديدة، وقد تعلمنا العيش والتكيف معها. لقد جربنا بالفعل الكثير من الحميات الغذائية، ولكن دون جدوى، وفي مرحلة معينة وصلنا إلى استنتاج مفاده أنه ربما سنضطر إلى العيش مع السمنة. معظم الناس لا يعرفون بالطبع انه يمكن القضاء على السمنة وعلاجها بواسطة العلاج النفسي القصير المدى والفعال.

هناك أنواع مختلفة من فرط الأكل، التي تسبب السمنة :
 . الأكل القهري (Binge Eating Disorder): الذي يعبر عنه بشراهة الأكل التي تظهر من حين لاخر، وخلالها تأكل كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير (أقل من ساعتين)، وعادة ما يكون هناك شعور بعدم السيطرة على فرط الأكل، دون وجود أي سلوك  للتعويض عنه، مثل: التقيؤ، الإسهال، فرط ممارسة الرياضة أو الصيام. وعادة ما تكون هذه وسيلة للتعامل مع الأحاسيس، ويعتبر بالتالي نوع من الأكل الحسي.
 . الأكل الحسي دون الشراهة:  هو نمط سلوكي، يميل فيه الأشخاص الذين يعانون منه إلى اللجوء إلى الأكل كلما نشأت مشاعر قوية وغمرتهم. المشاعر يمكن أن تكون سلبية أو إيجابية. أي أن الشخص يمكنه أن يشعر بالضغط أو القلق ويذهب ليأكل شيئا ما لتهدئة نفسه، وبشكل مشابه، عندما يحصل على علامة جيدة في الامتحان، يذهب ليأكل شيئا ما، لكي يكون من الأسهل عليه استيعاب الفرحة التي تغمره. في هذه الحالة ينظر للطعام كمهدئ، منظم للمشاعر ومريح، وعادة لا يكون لدى هؤلاء الأشخاص وسائل أخرى فعالة لتنظيم العاطفة.
 . عادات الأكل "السيئة " - غالبا الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، تكون لديهم عادات الأكل غير السليمة. على سبيل المثال، هم اعتادوا على تناول الطعام الدسم، كميات أكبر من الكميات التي يحتاجونها لكي يشبعوا، ويأكلون حتى عندما لا يكونوا جائعين. بالإضافة إلى ذلك، تكون لديهم صعوبة في السيطرة على النزوات المتعلقة بتناول الطعام، أي: عندما تكون لديهم الرغبة في تناول طعام دسم أو غير صحي، فانهم عادة ما يستسلمون لهذه الرغبة، ولا يقيدوا أنفسهم. لدى بعض الناس مشكلة في السيطرة على الرغبات أيضا في مجالات أخرى، وهذا يتجلى في السلوك الاندفاعي وفي " العمل دون تفكير". لمثل هذا النوع من فرط الأكل يوجد طبيعة إدمانية، من خلال التفكير " انه يجب الان الحصول على" ما نرغب به!
 . الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة قد يعانون من جميع أنواع فرط الأكل، أو البعض منها فقط.
لماذا تفشل عادة الحميات الغذائية في الحد من السمنة؟ والسبب بان الحمية الغذائية تركز على خفض الوزن السريع، وليس على تغيير عادات الأكل بشكل دائم. علاوة على ذلك، فالحمية الغذائية لا تغير عادات التفكير المتعلقة بالأكل، أو تتعامل مع المشاعر المرتبطة بالطعام. لحل مشكلة السمنة وعلاجها، هناك حاجة الى كل هذه المكونات، ومكونات أخرى، مثل تغيير عادات الحياة بشكل عام، للحد من الانشغال بالطعام وتغيير السلوك حوله. قد يبدو هذا غريبا، ولكن العلاج النفسي يمكنه بالتأكيد أن يساعد في التغلب على السمنة وعلى عادات الأكل السيئة.

السمنة وعلاجها  النفسي، هل يمكن أن يساعد؟

ذلك هو علاج معرفي سلوكي (CBT)، المعروف بالعلاج الذي يساعد الأشخاص على تغيير العادات، وبذلك في حل المشاكل السلوكية. كما يساعد العلاج في تنظيم المشاعر وتغيير أنماط التفكير الإشكالية، التي تمنعنا من المضي قدما وتحقيق الأهداف. في السمنة وعلاجها  يتم استخدام عدة تقنيات فعالة جدا، ومن يثابر عليها يستطيع بالتأكيد أن يصبح نحيفا ويعيش حياة صحية أكثر وبشكل دائم:
 . تسجيل يوميات الأكل: في يوميات الأكل يتم عادة تسجيل كل ما نأكله خلال اليوم، بالإضافة إلى الساعة، ماذا فعلنا قبل الأكل، مدى الجوع، فضلا عن الأفكار والمشاعر التي انتابتنا حول الطعام. تسجيل يوميات الأكل يخدم عدة أغراض مهمة: أولا، نصبح على دراية بكل شيء نأكله، دون تجاهل الوجبات الخفيفة، النقارش أو الكميات غير المرغوب فيها. عملية الأكل تتوقف عن كونها تجرى بشكل تلقائي، دون تفكير. تسجيل اليوميات، في الواقع، يجعلنا نفكر في ما نأكله، لأن كل شيء يدخل الفم، يسجل أيضا في اليوميات. بالإضافة إلى ذلك، نصبح على دراية بالأسباب التي جعلتنا نأكل الطعام  غير المرغوب فيه: ماذا فكرنا وماذا شعرنا. بهذه الطريقة، يمكن للمعالج أن يحدد الأفكار والمشاعر الإشكالية ويعالجها، وكذلك إيلاء الاهتمام بالسلوكيات غير المرغوب فيها والتي تشجع على الإفراط في تناول الطعام.
 . تغيير البيئة : المعالج يحدد لدى المريض السلوكيات الاشكالية، التي تسهم في الإفراط في تناول الطعام، ويوجهه في كيفية تغييرها. على سبيل المثال، وجود الأطعمة  غير المرغوب فيها في المنزل، الأكل مباشرة من أواني الطبخ بدلا من الطبق، عدم العمل في الحياة اليومية الذي يؤدي إلى الملل، يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام، وغيرها من السلوكيات التي يمكن تغييرها.
 . التنظيم العاطفي : إذا كان الشخص المعالج يستخدم الطعام كأداة للتعامل مع المشاعر، فالمعالج يعلمه طرقا أخرى لمواجهة الموقف. على سبيل المثال، يمكن التعامل مع المشاعر عن طريق القيام بأنشطة  تنظم المشاعر، أو عن طريق الانتباه للشعور، تقبله وتخفيفه، ومحاولة التحكم بحدته من خلال وسائل مختلفة مثل: الكتابة، التأمل، تمارين الاسترخاء وغير ذلك.
  . التشجيع : من المهم جدا إعطاء التشجيع في كل مرة ينجح فيها المعالج بالأكل السليم لبضعة أيام أو حتى ليوم واحد. التشجيع يمكن أن يكون عبارة عن كل شيء يختاره الشخص المعالج، باستثناء الطعام. التشجيع يمكن حتى ان يكون كلمات التشجيع التي يقولها الشخص المعالج لنفسه، أو أن يقولها له المعالج أو الناس من حوله